Skip to main content

احتفاء بمنجز الفنان نزار يحيى

الفكرة ومقتضيات جوهر الاختلاف
خضير الزيدي
معرض آخر من معارض الفنان نزار يحيى، يضعنا عند مقتضيات فكرة تخوض غمارها بالاعتماد على نظام بصري يسلكه الفنان من خلال حركة خارجة هذه المرة عن ضرب الفرشاة انما بوسيلة ثانية وآلية مختلفة ( قد تكون بواسطة مسطرة معدنية أو بلاستيكية مضمَّخة بالكثير من الطلاء) بينما تتشابك لدى المتلقي افكار كثيرة حيال ما يتم انجازه من اجتهاد فني ،فما الذي تحقق من تلك الفكرة وما شفرات رسالتها وكيف يصل المتذوق لهذا الفن من دون فهم العمل وتحليل خطابه البصري ؟ لنتوقف بداية عند ما يسميه بيار غيرو في كتابه (السيمياء ) التعيين والتضمين فالتعيين مثلما يراه بيار متكون من المدلول اما التضمين فهو التعبير عن القيم الذاتية المتعلقة بالعلامة. في حدود معرفتي عن معرض نزار الاخير الموسوم ب (الجسر ) والذي اقامه في كاليري كريم في عمان يسعى الى هذه الثنائية وجود دال ومدلول ولكن بشكل محدد وثابت في كل لوحة حتى ان المتلقي بإمكانه ان يجد المعرض كرسالة واحدة ،ومادة شكل لا تمتلك اكثر من دلالة او رمز .المعادلة في مثل هذه الرؤية تلجأ الى طريقة الاسلوب المتبع وحدوده واختيار الصياغة الفنية .نزار يضعنا عند فكرة (جسر) يبتدأ من نقطة معينة لينتهي عند حد معين لا يمكن ان يكون مستقيما ولا يمكن ان نراه متعرجا تتعدد الاشكال وتختلف تبادلية الانظمة في اسس العلامة لكنها بالأخير تتجه في بث رسالة واحدة لها غاية بصرية من خلال الشكل التجريدي اولا وارتباط معيارية العمل بإنتاج الفكرة فهل سعى هذا الفنان ليشرح لنا قيمة (النهر / والجسر ) لسنا بحاجة الى ذلك لأننا نحتاج الى فهم ما تنطوي عليه هذه الثنائية من بعد لحادثة سياسية مثلا كأن تكون مواجهة اضطراب عام يعيشه البلد او لمتظاهرين يتخذون من الجسر رمزا ودالا معينا او تحمل فكرة معرض الجسر استحواذا على تنوع ايقاع الخطى التي تسير على الجسر (عشاق يتهامسون بالحب ) كل ما يتعلق بالمدلول ممكن ان يكون صحيحا من حيث التأويل لكن الاشكال التي بدت في اللوحة تفصح عن خصائص توتر داخلي الامر عائد لطبيعة الطلاء والخربشات في السطح وتشابك مستوى التعامل بين اللون الاحادي ومفهوم التوازن بمعنى ان شفرات العمل الفني لنزار يحيى في معرض (الجسر ) تتخذ طابعا مبنيا من اساسين الاول ما ينساب من وجود شفرة موضوعية وهي تعتمد بالأساس على المبدأ المنطقي والاخر شفرة جمالية ذات مستوى ذاتي بحت .تنسحب رؤية العمل الواحد الى توجه معين مع مركزية المعرض وفكرته الاساس. وفي مثل هذا التوجه سندور في دوامة شكل ينشغل بالتمثيل (الاشاري ) هناك اختزال مقصود مع تكتيك عملي جعل من الشكل يتكئ على نمط معين ولون ثابت كأن الفنان يحدد للمتلقي خيارا دون شروط كل شيء في مثل هكذا اعمال فنية تكون اقرب لليقين من الشك من خلال طاقاتها البنائية والجمالية لا تعيد تكرار نفسها لكنها تمضي بخط مستقيم يحمل دلالته وما على المتابع للمعرض الا ان يجد ما يعزز الفكرة ..لنتفق على ان نزار يحيى اراد ان يعيد لأذهاننا العلاقة الثنائية بين (الجسر والنهر) ولكن ما الذي يثمن قيمة عمله من الناحية الشكلية هذا الامر عائد لذائقة المتلقي وطالما العمل الذي نراه بعيدا عن التزويق وتعدد المناخات اللونية والوحدات الصورية فنحن نقترب من شكل عام يحمل مبدأ الوظيفة الجمالية بالنسبة لي يمثل تكوينا مترابطا ونزار هنا يقصي الشكل المبني على التصميم الشائك منطلقا من خاصية شكلية احادية المعزى وطريقة منهج اعتمدت على المخيلة ، في الحقيقة لا نرى جسرا في اشكال لوحاته هناك ما يسقط فكرة اقامة الجسر مثلما هو عنوان المعرض لكن خيال نزار اكتفى بمفردة وقدمها كتصوير ذهني وهذا يعيدنا الى مقتضيات فهم العلامة / والدلالة التي يلوح لنا بها (بيار غيرو) في كتابه علم الدلة اذ يشير الى ان في القيم التعبيرية تكون التداعيات ناشئة من خلال المشابهة ،لنعد الى اعمال نزار يحيى سنجد ان فكرة العمل مشابهة المدلول واحد سياق الشكل متحول الى عنصر دال وبمجرد ان تقف عند ثلاث لوحات من معرضه ستظهر لك مرتكزات الاسلوب واصل التعبير في لعبة الاشكال المفضلة والخارجة من طابع غير انفعالي بمعنى (هناك تأسيس بصري معتمد )على المتلقي ان يدرك اعتقاد الفنان بالذهاب الى هكذا تصور فكيف نفسر عمل نزار يحيى؟ تخضع اعماله لتوجيه معين يسبب لدى المتلقي تشويشا اذ كيف يمكن ان نفسر العلاقة بين الدال والمدلول طالما تحمل مفردة (النهر ) اكثر من تأويل اذ ممكن ان نحيلها الى الاعتقاد الديني والاسطوري وهذا التصور بعيد كل البعد عن مخيلة نزار لان صلة هذا الفنان بعمله لم تخرج من انفعال عاطفي انما ثمة قدرة على الشعور بأهمية الفن ذهنيا وثانيا عين الفنان لا تلتقط الهامش من الفكرة هناك لقطات حية لوقائع مؤلمة مثلما حدث من اقتتال وعنف فوق جسور مدينة بغداد ايام المواجهات والتظاهرات هذا التصور ربما يكون سببا لعنوان المعرض .اتصور ان مجال الفن يثمر لنا بأكثر من علاقة بين الواقعي اليومي والمخيّل